" في السنة التاسعة لحكم شابور ملك الفرس(318)م كانت بشرى المسيح قد انتشرت في أرجاء الامبراطورية الفارسية كلها . وكان في ذلك العهد في ارض درساس أمير اسمه " فولار" خاضع لسلطة الملك شابور وقد تلقى أمرا باضطهاد جميع المسيحين المتواجدين في منطقته ويجري استنطاقهم أمام الملك ويحكم عليهم بالموت في سبيل المسيح
وكان لهذا الامير ولدان هما أدورفروا وميهرنسا وابنة اسمها سلطان ماهدوخت وتربى الاولاد على المذهب المجوسي الذي كان دين الرؤساء والملوك. وبينما هم عائدون من كرخ سلوخ (كركوك الحالية) الى قريتهم بلغوا قرية صغيرة تدعى أحوان واقعة على الطريق واذا بالاخ الصغير يسقط من حصانه وتنكسر فخذه حتى كادت تنفصل عن جسمه
انتاب الهلع الاخ الاكبر مع اخته سلطان ماهدوخت ودخلا القرية وهم باكين ولما سمع الاسقف مار عبدا ذهب لزيارتهم . غاب الطفل عن وعيه وعاين رؤيا سماوية شاهد المسيح ملك الملوك. وبينما كان الفتى غارقا في تلك الرؤيا وصل القديس عنده وجثا على ركبته وصلى الى سيده ثم قام ووضع الساق في موضعها ورسم عليها علامة الصليب وصرخ بصوت عالِِ ٍوبايمان " باسم يسوع المسيح ابن الله الحي قم ايها الصبي " فقام الصبي في الحال وشرعوا الحاضرين يؤدون المجد للمسيح الرب
وحينما استعاد الصبي وعيه وتذكر ماشاهد الرؤيا عرف ان كاهن المسيح الذي راه في الرؤيا
ولما رات سلطان ماهدوخت مانطق به أخواها صرخت هي أيضاً وقالت " تبارك المسيح الذي اعاد الرجاء الى اليائسين ـ تبارك المسيح الذي في انكسار فخذ أخي حطم قيود الشيطان وصادنا لعمل مشيئته " ثم قالت لمار عبدا " انت يا عبد المسيح الذي ارسله سيده لخلاصنا ؟ لِِمَ تهمل أمرنا ؟
فنالو العماذ المقدس واشتركوا في الوليمة الروحية بتناول جسد المسيح ودمه
ولما تم كل شيء واذا بروح الرب قد اختطف المعمدين الجدد ونقلهم الى وادٍ يقع فوق القرية فيه حوض من الماء وكهف صغير فوجدوا انفسهم في ذلك الكهف . أما اقرباهم الذين كانوا معهم ذهبوا واخبروا والدهم بما جرى
فكتب الى شابور ليطلعه على فقدان اولاده وجاء جواب الملك يأمره بالبحث عنهم وباخباره حال العثورعليهم
اما سلكان ماهدوخت واخوانها فقد ظلوا عائشين في ذلك الكوخ الصفيرالضيق
بعد ثلاث سنوات من العبادة والعيش في الكهف تم العثور عليهم تجمع امام الهف جمهور غفير من الناس وكانوا يريدون الدنو من القديسين والترك بهم ونيل الشفاه لامراضهم
ودنا الاخ الاكبر واحنى راسه امام السياف فضرب عنقه وركض اخوه الاصغر ثم احنى راسه امام السياف فقطع راسه وفي الحال اصاب السياف برص شديد وارتجفت يده وسقط منها السيف ولم يشأ ان يقتل اختهم فقالت له سلطان ماهدوخت " انجز عملك كله ولاتؤخرني عن الحاق بأخوي" فقال السياف " ليتني ما قتلت هذين ايضا فقالت له " اذهب واغتسل في المياه التي بها غسلت سيفك فتنل الشفاء " حيث كان يغسل سيفه في الغدير بعد ما كان يضرب عنق اخوانها كل مرة
فذهب واغتسل وعاد معافى ثم انجز قسمه فضرب عنقها وقطع رأسها ، اراد الوثنين احراق اجسادهم حسب امر الملك شابور الا انها اختفت عن الانظار..... اقاموا في الموضع كنيسة على اسم هؤلاء الشهداء تخليدا لذجراهم العطرة وكانت تجري فيها عجائب بشفاعة هؤلاء القديسين
وكان استشهادهم في الثاني عشر من شهر كانون الثاني سنة 319 م
قرية ارادن، فيحتفل اهلها بعيد (سلطانة مادوخت) شفيعة القرية يوم 15 أيار حيث يكون الربيع مزدهراً بتلك البقعة المحاطة بالجبال، ويتجه الناس الى كنيستها القائمة في احضان واد اخضر ظليل تحيط بها اشجار الخوخ والجوز والبلوط، قادمين من دهوك والعمادية وسرسنك والموصل، يتبركون بزيارة الكنيسة ويتوزعون على ذاك البساط السندسي الموشى بأزهار النرجس والسوسن، يستمعون الى خرير المياه وهي تنساب من العيون بين الصخور تحكي قصة هذه الأرض الطيبة التي انعم اللـه عليها بكل جميل، فحباها بالطبيعة الساحرة وبكل ما لذ من طيب الثمار،وبعد ان يمضوا نهارهم هناك، يرجعون مع المساء، وتبقى طيور الجبال وحدها تحلق حول قبة الكنيسة الشامخة ".