البجعة و الصليب
تتغذى البجعة على أشياء كثيرة من بينها الأفاعي لهذا السبب يُعد دمها ترياقاً مذهلاً ضد السم وتستطيع بذلك أن تشفي صغارها عندما تلدغهم الحية
و عندما تدرك البجعة أن صغارها مهددون بالموت بسبب لدغة الأفعى تسارع هلعة للقيام بشيء يظهر حبها اللامحدود... فماذا تفعل؟
انها تقف فوق صغارها الضعفاء وتنقر على جنبها حتى يبدأ الدم بالنزف من الجرح الذي أدمت به نفسها فتسقط قطرات الدم من الأم الى أفواه صغارها و حالما يتلقون الدم المحتوى على الترياق المضاد للسم, يحيون وينجون شاكرين الأم التي أنجبتهم فيما مضى وولدتهم الآن من جديد
قد تكون هذه إعادة لقصة وقعت منذ زمن بعيد... هناك في الفردوس... لدغت أفعى شريرة الانسان وسمّمته... سمّها لم يكن مادياً بل معنوياً
إنه سم الخطيئة... به متنا بالروح قبل أن نموت بالجسد ، نحن الموتى كنّا (و ما زلنا) نحتاج إلى ترياق ينقذنا من هذا السم
انه الصليب فكما أن البجعة، بدافع حبها الكبير لأولادها، ضربت جنبها طواعية هكذا فعل المسيح
و إن كانت رموز هزيمتنا في الفردوس هي : عذراء وشجرة وموت
العذراء... هي حواء لأنها لم تكن قد عرفت آدم بعد
و الشجرة... هي شجرة معرفة الخير والشر
أما الموت... فهو الموت الذي كان عقاباً لآدم
ها نحن الآن أيضاً نملك عذراء وشجرة وموت
إنما رموز الهزيمة قد أصبحت الآن رموزاً للانتصار
فبدل حواء... لدينا مريم العذراء
وبدل شجرة معرفة الخير والشر... لدينا عود الصليب
وبدل موت آدم... لدينا موت المسيح
إن الشجرة القديمة قادت آدم الى الجحيم
أما الشجرة الثانية فقد أعادت الحياة لكل الموجودين
لقد حُكم بالموت القديم على كل الذين وُلدوا بعد المعصية
أما موت آدم الجديد فقد أقام كل المولودين قبله
إن أسلحتنا لم تتضرج بالدماء، ونحن لم نُجرَح ولم نرَ حرباً
ومع ذلك أحرزنا الانتصار!!
فنهتف مع بولس الرسول
" ًلقد أبيد الموت، لقد هزم بالكلية، لم يعد له من وجود! أيها الموت أين غلبتك، أيتها الهاوية أين شوكتك؟