اطيب قلب
عدد المساهمات : 220 تاريخ التسجيل : 07/12/2009
| موضوع: قصه فعلااااااااا مؤثره (نادر والاب) الخميس ديسمبر 24, 2009 12:15 am | |
| نادر والأب لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي .. ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشّلة فيإحدىالاستراحات .. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ .. بل بالغيبة والتعليقات الغيرلائقة.. كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم .. وغيبة الناس .. وهم يضحكون . .أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ..بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ..أجل كنت أسخر من هذا وذاك .. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي ..صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني .. أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق.. والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول .. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق .. عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة ..وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها ..قالت بصوت متهدج : يوسف ... أين كنتَ ؟قلت ساخراً : في المريخ .. عند أصحابي بالطبع .. كان الإعياء ظاهراً عليها .. قالت والعبرة تخنقها : يوسف… أنا متعبة جداً ..الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا ..سقطت دمعة صامته على خدها ..أحسست أنّي أهملت زوجتي ... كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي .. خاصة أنّها في شهره االتاسع .. حملتها إلى المستشفى بسرعة ..دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال ..كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر .. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلاً حتى تعبت .. فذهبت إلى البيت ..وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني .. بعد ساعة .. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأقدوم نادر الاسم الذي اخترته لابني ذهبت إلى المستشفى فوراً ..أول ما رأوني أسأل عن غرفتها .. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي .. صرختُ بهم : أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني نادر .. قالوا .. أولاً .. راجع الطبيبة .. دخلت على الطبيبة .. كلمتني عن المصائب .. والرضى بارادة الله .. ثم قالت : ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !! خفضت رأسي ... وأنا أدافع دموعي .. تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى ... الذي دفعته فيالسوق وأضحكت عليه الناس .. بقيت واجماً قليلاً .. لا أدري ماذا أقول .. ثم تذكرت زوجتي وولدي .. فشكرت الطبيبة على لطفها .. ومضيت لأرى زوجتي .. لم تحزن زوجتي ... كانت مؤمنة بارادة الله.. راضية .. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس ..كانت تردد دائماً .. لا تغتب الناس .. خرجنا من المستشفى .. وخرج نادر معنا ..في الحقيقة .. لم أكن أهتم به كثيراً ..اعتبرته غيرموجود في المنزل ..حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..كانت زوجتي تهتم به كثيراً .. وتحبّه كثيراً .. أما أنا فلم أكن أكرهه .. لكني لم أستطع أنأحبّه ! كبر نادر .. بدأ يحبو .. كانت حبوته غريبة ...قارب عمره السنة فبدأيحاول المشي .. فاكتشفنا أنّه أعرج .. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر .. أنجبت زوجتي بعده فادي و كيرلس..مرّت السنوات .. وكبر نادر .. وكبر أخواه ..كنت لا أحب الجلوس في البيت .. دائماً مع أصحابي .. في الحقيقة كنت كاللعبة فيأيديهم ..لم تيأس زوجتي من إصلاحي.. كانت تدعو لي دائماً بالتوبة .. لم تغضبمن تصرّفاتي الطائشة ... لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لنادر واهتمامي بباقي إخوته .. كبر نادر.. وكبُر معه همي .. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر ..في يوم أحد ..استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً..ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي .. كنت مدعواً إلى وليمة ..لبست وتعطّرت وهممت بالخروج .. مررت بصالة المنزل .. استوقفني منظر نادر .. كان يبكي بحرقة ! إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى نادر يبكي منذ كان طفلاً .. عشر سنوات مضت .. لم ألتفت إليه .. حاولت أن أتجاهله .. فلم أحتمل .. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة ..التفت .. ثم اقتربت منه .. قلت : نادر ! لماذا تبكي ؟!حين سمع صوتي توقّف عن البكاء .. فلما شعر بقربي .. بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين .. ما بِه يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني !!وكأنه يقول : الآن أحسست بي .. أين أنت منذ عشر سنوات ؟!تبعته .. كانقد دخل غرفته ..رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ..حاولت التلطف معه ..بدأ نادر يبين سبب بكائه .. وأنا أستمع إليه وأنتفض .. تدري ما السبب !!تأخّر عليه أخوه فادي .. الذي اعتاد أن يوصله إلى الكنيسة ..ولأنها صلاة القداس .. خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل ..نادى فادي .. ونادى والدته .. ولكن لا مجيب .. فبكى .. أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين ..لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه ..وضعت يدي على فمه .. وقلت : لذلك بكيت يا نادر !!..قال : نعم .. نسيت أصحابي .. ونسيت الوليمة .. وقلت :نادر لا تحزن .. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى الكنيسة ؟ .. قال : أكيد فادي .. لكنه يتأخر دائماً .. قلت : لا .. بل أنا سأذهب بك .. دهش نادر .. لميصدّق ... ظنّ أنّي أسخر منه .. استعبر ثم بكى .مسحت دموعه بيدي .. وأمسكت يده ..أردت أن أوصله بالسيّارة .. رفض قائلاً : الكنيسة قريبة .. أريد أن أخطو إلى الكنيسه..لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها الكنيسة ..لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف .. والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية ..كانت الكنيسة مليئاً بالمصلّين .. إلاّ أنّي وجدت لنادر مكاناً في الصف الأوّل .. استمعنا للوعظة معاً وصلى بجانبي .. بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب منّي نادر انجيل ... استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى ؟كدت أن أتجاهل طلبه .. لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره .. ناولته الانجيل طلب منّي أن أفتح الانجيل على انجيل متى .. أخذت أقلب الصفحات تارة ... وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها .. أخذ مني الانجيل .. ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة الاصحاح .. وعيناه مغمضتان ..إنّه يحفظ الانجيل!خجلت من نفسي.. أمسكت انجيلا.. أحسست برعشة في أوصالي.. قرأت .. وقرأت ..دعوت الله أن يغفر لي ويسامحني ..لم أستطع الاحتمال .. فبدأت أبكي كالأطفال ..كانت بعض الناس لاتزال جالسة لبعض الوقت .. خجلت منهم .. فحاولت أن أكتم بكائي .. تحول البكاءإلى نشيج وشهيق ..لم أشعر إلاّ بيد صغيرة تتلمس وجهي ... ثم تمسح عنّي دموعي ..إنه نادر !! ضممته إلى صدري .. نظرت إليه .. قلت في نفسي .. لست أنت الأعمى .. بل أنا الأعمى .. عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على نادر ..لكن قلقها تحوّلإلى دموع حين علمت أنّي ذهبت للكنيسة مع نادر ..من ذلك اليوم لم يفتني قداس..هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة طيبة كلهم من ابناءالكنيسة ..ذقت طعم الإيمان معهم ..عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا ..أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي .. اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي .. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني نادر .. من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها ..شكرت الله كثيراً على نعمته ..ذات يوم .. قررأصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة ..تردّدت فيالذهاب.. واستشرت زوجتي . توقعت أنها سترفض .. لكن حدث العكس !فرحت كثيراً .. بل شجّعتني ... فلقد كانت تراني في السابق أسافردون استشارتها للخطيئة.. توجهت إلى نادر .. أخبرته أني مسافر ... ضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً ..تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف ..كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي اشتقت إليهم كثيراً .. آآآه كم اشتقت إلى نادر !!تمنّيت سماع صوته .. هو الوحيد الذي لميحدّثني منذ سافرت ..إمّا أن يكون في المدرسة أو الكنيسة ساعة اتصالي بهم .. كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه .. كانت تضحك فرحاً ً ..إلاّ آخرمرّة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة .. تغيّر صوتها ..قلت لها : أبلغي سلامي لنادر.. فقالت : إن شاء الله .. وسكتت ..أخيراً عدت إلى المنزل .. طرقت الباب .. تمنّيت أن يفتح لي نادر ..لكن فوجئت بابني كيرلس الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره .. حملته بين ذراعي وهو يصرخ : بابا .. يابا .. لاأدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت ..أقبلت إليّ زوجتي .. كان وجهها متغيراً .. كأنها تتصنع الفرح ..تأمّلتها جيداً .. ثم سألتها : ما بكِ؟ قالت : لاشيء .. فجأة تذكّرت نادر .. فقلت .. أين نادر ؟خفضت رأسها .. لم تجب .. سقطت دمعات حارة على خديها .. صرخت بها .. نادر .. أين نادر ...؟ لم أسمع حينها سوى صوت ابني كيرلس.. يقول بلثغته : بابا .. نادل لاح السما .. عند يسوع.. لم تتحمل زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. كادت أن تسقط على الأرض .. فخرجت منالغرفة ..عرفت بعدها أن نادر أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين .. فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى .. ولم تفارقه .. حين فارقت روحه جسده ولاده نادر بهذا الشكل لم تكن صدفه بل كان بهدف عند الله وقد سافرنادر بعد ما تحقيق هذا الهدف وفرحته بالله في حياته.. الرب صالح للكل ومراحمه علي كل اعماله | |
|
زائر
عدد المساهمات : 1286 تاريخ التسجيل : 17/09/2009 الموقع : اذا خانك من تحب فلا تحزن ... بل انتظر حتى يعطيك ظهره واكتب عليه كان بامكانى الخيانة !!.. ولكن اخلاقى لا تسمح لى بهذه الاهانة
| موضوع: رد: قصه فعلااااااااا مؤثره (نادر والاب) الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 4:34 pm | |
| مش عارفه ارد اقول ايه اكتر من روعه ميرسى يا اطيب قلب فى الدنيا | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: قصه فعلااااااااا مؤثره (نادر والاب) الخميس ديسمبر 31, 2009 5:56 pm | |
| |
|