عندما يقترب الزائر من جبل ( قردو ) او جبل باعدرى التي يمتد من القوش الى باعدرى مركز امارة الايزدية يجذبه اول ماجذب ناظريه صرح محفور في صدر جبل القوش ويتراىء الى نفسه قوة الانسان في البناء في هكذا موقع ليحفر بأنامله ذلك الصرح الصخري الشاهق ، الذي يرتفع ( 900 ) مترا فوق سطح البحر ويبعد عن الموصل شمالا بمسافة ( 30 ) ميلا ، يعتبر دير الربان هرمزد الذي بقى ثابتا وتحدى عشرات النكبات التي مرت عليه واحد الاثار الشامخة المطلة على سهل نينوى المليء بالعشرات من المواقع الاثارية التي لا تزال اغلبها شاخصة
يعود هذا الصرح بتاريخه حسب العشرات من المصادر الى انه كان من الصوانع واماكن العبادة الوثنية وهناك العديد من الاراء حول هذا الموضوع فمن رأي يقول انه كان معبدا وثنيا وزرادشتيا واخر يقول انه كان معبدا لصنم اشوري تقام له مراسيم سنوية في نينوى الاشورية في القرن السابع قبل الميلاد ، ومن رأي يقول ان الدير كان موجودا قبل الميلاد ب ( 700 ) عام حيث كان موطن النبي ناحوم الذي جاء ذكره في الكتاب المقدس والذي تنبأ بخراب الموصل ، ويقال ان موقع الصوامع التي تقع بالقرب من موقع الدير الحالي جاء ذكره في قصص سبي اليهود الذي حدث على يد القائد الاشوري تغلات بلاصر الخامـس ( 727 - 722 ق . م) .
تحيط بالدير من جهاته الثلاث القمم العالية وفي عمق الوادي اشجار خضراء صيفا وشتاء ويكثر بالقرب منه نبات عرق السوس .
قال عن الكاتب الفرنسي الشهير الاب مارتان : ان بنيان الدير ربان هرمزد المدهش وموقعه الجذاب يجعلان هذا الاثر المجيد لا مثيل له في الغرب ولا شبيه له في الشرق .
يعلو بوابة الدير صورة محفورة لحمامة من الجهة اليمنى وثعبان يتدلى من الجهة اليسرى دلالة الحكمة والنقاوه . يعود تاريخ بناء الدير على يد الربان هرمزد الفارسي الاصل من مدينة لاياط في بلاد الاحواز وترجع قصة بناء الدير الى عهد البطريرك ايشوعياب الذي عاصر الخليفة ابو بكر وعمر بن خطاب (رض الله عنهما) . ان حاكم الموصل عقبة بن فرقد سنة 642 ميلادية مرض ابنه شيبيني بمرض عضال فلما اوصوه الناس بايصاله الى الربان هرمزد الذي كان ناسكا في احدى الصوامع التي تقع بالقرب من موقع الدير الان في جبل القوش او جبال باعدري وعندما وصل البلدة كان ابنه قد فارق الحياة ولكن الناس اصروا على ايصاله الى الربان وعندما دخل الوادي طمأنهم الربان وبعد صلاة طويلة ارجع الى شيبيني الحياة فأقام الحاكم فرح عظيم شارك فيه المسيحين والمسلمين معا وهكذا اصبح للربان مكانة عظمية لدى الحاكم وبعدما عاد الى الموصل امر بمساعدة الربان في بناء دير له فخصص له (7) اوزان من الفضة ارسلها مع ابنه شيبينى واوقف لها رحى كثيرة واملاك واراضي . مع المباني المتفرقة في الموقع ماا يزال هناك اثار عين الماء التي اشتهرت به والتي كانت تسمى عين القديس وكذلك البرج الذي يعلوه الناقوس الذي كانت دقاته تسمع في جميع ارجاء المنطقة ، يقدس الدير جميع ابناء المنطقة فألى جانب البمسيحيين يزورها الايزدية للتبرك وطلب العلاج وكذلك المسلمين ويحتفل كل عام في شهر نيسان بذكراه سنويا حيث تشهد اقبلا كبيرا لدى للناس للزيارة تشعل فيها الشموع طلبا للشفاعة والبركة ، وهي الان تشهد حملة كبيرة لأعمارها وترميمها .
تشتهر الدير بأنها شهدت العديد من النكبات التي كانت سببا في تدميرها احراق مخطوطاتها النادرة ومن اشد الحملات التي طالت الدير واحرقت خزائنها حملة الشاه طهماسب ونادر شاه وتيمور لنك واحراقها مع جميع مخطوطاتها من قبل امير رواندوز الامير ( محمد كوره ) في حملته على بادينان في القرن التاسع عشر ومن ثم اخر الحملات التي تعرضت لها على يد اسماعيل باشا حاكم عمادية . يتناقل الناس في المنطقة القريبة من هذا الدير العديد من الاحاديث والحكايات النادرة لكن ما يميزها دوما هو انه في هذا الدير تتجسد حياة الخلوة والتقشف والمشقة والخشونة وكذلك من انه كان ملجأ لعلاج المرض حيث كان يتم فيه شفاء المجانين بعد ان يحرضهم الربان على التوبة وعبادة الله ، اكتسب الربان هرمزد شهرة كبيرة في هذا الدير فكان محل ازدراء الرهبان في الاديرة القريبة وخاصة دير (بسقين ) حيث حاولوا الايقاع به لدى حاكم الموصل الا ان محاولاتهم باءت بالفشل . مات هرمز في هذا الدير عن عمر يناهز 94 عاما .واكتسبت القوش شهرة من هذا الدير فرغم المعروف عنها بأنها موطن النبي ناحوم الا ان وجود الدير في الجبل الذي يطل على البلدة اضفى عليها شهرة اخرى . فالحياة في هذا الدير استمرت (11) قرنا بلا انقطاع . يشعر الزائر الى هذا الدير بأنه يصل عالم اخر مليء بالرهبة وصرح فائق المجال فألى جانبي الدير هناك الصوامع الكثيرة وبقايا رحى كانت تدار هناك لطحن الحبوب عن طريق الدواب بينما الصوامع كانت تربط مع بعضها بطرق خفية ليست ظاهرة للعيان وكل من اراد ان يسكن هناك كان يحفرصومعته في الصخر ويقال ان البعض منهم استمرلاكثر من عشرة سنوات أما الفترة التي قضاها الربان هرمزد في بناء الدير فيقال انها استمرت اثنان وعشرين عاما