مضى النهار وفات

زائر

مضى النهار وفات ..
عبارة شهيرة نرددها في صلوات الغروب،
عندما نقف أمام الله في خجل بعدما أضعنا النهار ولم يتبق سوى فتات اليوم،
ويرددها الشيخ وقد انصرم العمر منه ولم يتبق سوى سني العجز والمرض،
ويرددها التلميذ الكسول حين تفصل بينه وبين الامتحانات ساعات قلائل،
ويقولها الذي ذهب إلى السوق بعدما مال النهار ولم يتبق سوى الذابل والفاسد من المعروضات، ويرددها العامل الذي استيقظ متأخرا ليجد أن أصدقائه قد قاربوا على الانتهاء من العمل، ويقولها الأب الكاهن عنما يتقدم إلى شمال باب الهيكل في مسكنة كمن أضاع النهار وجاء يلتمس القبول من الله، لعله ُيحسب مع أصحاب الساعة الحادية عشر.
البعض رحلوا وهم في سنواتهم الأولى، والبعض انتقلوا وهم في ريعان الشباب، والبعض الثالث في عنفوان القوة والعطاء، أمّا الذين تيقظوا عند الغروب واصيبوا بالذعر إذ اكتشفوا أنهم أمضوا حياتهم بالتواني والغربة عن الله، هرعوا إليه بعدما لم يجدوا معهم سوى الضوء الخافت والجسد الثقيل، فرأى الله فيهم فتيلة مدخنة يمكن أن ينفخ فيها، وقصبة مرضوضة يمكن تضميدها.
يقول الكتاب ان الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالفرح، ويسلم شيوخ الرهبنة للشباب المبتديء في الطريق أن الذي يتعب في شبابه يفرح في كبره، ويقول المرتل "لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي لهلكت حينئذ في مذلتي" (حيث المذلة هي سني العجز..)
أمّا نحن فلنا رجاء أنه ما يزال في العمر بقية ولذلك نشكر الله لأنه "أتى بنا الى هذه الساعة" لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة" (اش 1 : 9)